فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.التفسير الإشاري:

قال نظام الدين النيسابوري:
التأويل: الميتة جيفة الدنيا والدم وهي الشهوات النفسانية «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم» وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: «سدوا مجاري الشيطان بالجوع» ولحم الخنزير مادة الشره والحرص، وما أهل به لغير الله كل ما يتقرب به إلى الله رياء وسمعة والله تعالى أعلم. اهـ.

.تفسير الآية رقم (174):

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

.قال البقاعي:

ولما كان في بيان هذه المحرمات الإشارة إلى عيب من استحلها من العرب وترك ما أمر به من الطيبات جهلًا وتقليدًا تلاها بتكرير عيب الكاتمين لما عندهم من الحق مما أنزل في كتابهم من صفة النبي صلى الله عليه وسلم وأمر الحج وأمر القبلة وغيرها مما يصدق هذا الكتاب الذي لا ريب فيه خوفًا على انقطاع ما كان يهدي إليهم لرئاستهم من دينهم على وجه عائب لهم لاستحلالهم أكل السحت على علم مبين أنهم استحقوا الذم من وجهين: أحدهما نفس الأكل على هذا الوجه المؤدي إلى الإعراض عن الطيبات والموافقة للعرب، الثاني كونه على كتمان ما يعلمون من الحق فقال: {إن الذين يكتمون} مؤكدًا لذمهم بأنواع التأكيد، ولقد بدع إيلاؤه لصفتي المغفرة والرحمة كما ختم آية الكتمان الأولى بوصفي التوبة والرحمة، فكان مع ما فيه من الترغيب من قبيل الاحتراس أي إنه إعانة لا يغفر لمثل هؤلاء إلا أن اتصفوا بما أشارت إليه الآية الأولى من التوبة.
قوله: {ما أنزل الله} بإسناد الإنزال إلى اسمه الأعظم لإحاطة الكتاب بمختلفات الأحكام {من الكتاب} أي من حدوده وأحكامه وغير ذلك مما أشارت إليه الآية الأولى بالبينات والهدى من الحكم والأحكام.
ولما كان من الكتم ما يكون لقصد خير، فكم من كلمة حق أريد بها باطل! قيده بقوله: {ويشترون به ثمنًا} قال الحرالي: والثمن ما لا ينتفع بعينه حتى يصرف إلى غيره من الأعواض، فالإيعاد على ما يتضمن جهل الكاتم وحرصه باستكسابه بالعلم وإجرائه في غير ما أجراه الله تعالى على ألسنة أنبيائه {وما أسألكم عليه من أجر} [الشعراء: 109] ولما كان كل ما لم يثبت من خير الدنيا في الآخرة وإن جل حقيرًا قال: {قليلًا} هذا المراد لا تقييده بالقليل.
ولما كانوا قد بعدوا عن مواطن الرحمة ببخلهم بما لا ينقصه الإنفاق أشار إليهم بأداة البعد فقال: {أولئك} وفي خطاب النبي صلى الله عليه وسلم به إشعار بوقوع ذلك من طائفة من أمته حرصًا على الدنيا {ما يأكلون} أي في هذه الحال على ما دلت عليه ما. ولما كان الأكل يطلق على مجرد الإفساد حقق معناه بقوله: {في بطونهم} جمع بطن وهو فضاء جوف الشيء الأجوف لغيبته عن ظاهره الذي هو ظهر ذلك البطن {إلا النار} كما أحاط علمه سبحانه وتعالى بالغيب إن ذلك على الحقيقة وبصره لعيون أهل الكشف الذين يرون العواقب في الأوائل والغيب في الشهادة، وفي ذكره بصيغة الحصر نفي لتأويل المتأول بكونه سببًا وصرف له إلى وجه التحقيق الذي يناله الكشف ويقصر عنه الحس، فكانوا في ذلك كالحذر الذي يجعل يده في الماء الحار ولا يحس به فيشعر ذلك بموت حواس هؤلاء عن حال ما تناولوه.
ولما قدم الوعيد في الثمن لكونه الحامل على الكتم أتبعه وعيد نفس الكتم فقال: {ولا يكلمهم الله} أي الملك الأعظم الذي من كلمه أقبل كل شيء عليه كلامًا يدل على مرضى لكونهم لم يكلموا الناس بما كتب عليهم وقال: {يوم القيامة} تأكيدًا لما أشارت إليه ما من أن المراد بالذي قبله الحال {ولا يزكيهم} أي يطهرهم من دنس الذنوب أو يثنى عليهم أو ينمي أعمالهم بما يحصل لهم من الميثاق في يوم التلاق كما يزكي بذلك من يشاء من عبادة لأنهم كتموا عن العباد ما يزكيهم وفي هذا تعظيم لذنب كتموا العلم {ولهم} مع هذا العذاب {عذاب أليم} لما أوقعوا فيه الناس من التعب بكتمهم عنهم ما يقيمهم على المحجة السهلة. اهـ.

.قال ابن عاشور:

عود إلى محاجَّة أهل الكتاب لاَحِقٌ بقوله تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} [البقرة: 159] بمناسبة قوله: {إنما حرم عليكم الميتة والدم} [البقرة: 173] تحذيرًا للمسلمين مما أحدثه اليهود في دينهم من تحريم بعض ما أحل الله لهم وتحليل بعض ما حرم الله عليهم؛ لأنهم كانوا إذا أرادوا التوسيع والتضييق تركوا أن يَقْرؤا من كتابهم ما غَيَّروا العمل بأحكامه كما قال تعالى: {تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرًا} [الأنعام: 91] كما فعلوا في ترك قراءة حكم رجم الزاني في التوراة حين دعا النبي صلى الله عليه وسلم أحد اليهود ليقرأ ذلك الحكم من التوراة فوضع اليهودي يده على الكلام الوارد في ذلك كما أخرجه البخاري في كتاب الحدود، ولجريانه على مناسبة إباحة ما أبيح من المأكولات جاء قوله هنا {أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار} لقصد المشاكلة.
وفي هذا تهيئة للتخلص إلى ابتداء شرائع الإسلام؛ فإن هذا الكلام فيه إبطال لما شرعه أهل الكتاب في دينهم فكون التخلص ملونًا بلوني الغَرض السابق والغرض اللاحق. اهـ.
قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في رؤساء اليهود؛ كعب بن الأشرف، وكعب بن أسد، ومالك بن الصيف، وحيي بن أخطب، وأبي ياسر بن أخطب، كانوا يأخذون من أتباعهم الهدايا، فلما بعث محمد عليه السلام خافوا انقطاع تلك المنافع، فكتموا أمر محمد عليه السلام وأمر شرائعه فنزلت هذه الآية. اهـ.
اختلفوا في أنهم أي شيء كانوا يكتمون؟ فقيل: كانوا يكتمون صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته والبشارة به، وهو قول ابن عباس وقتادة والسدي والأصم وأبي مسلم، وقال الحسن: كتموا الأحكام وهو قوله تعالى: {إِنَّ كَثِيرًا مّنَ الأحبار والرهبان لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الناس بالباطل وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله} [التوبة: 34]. اهـ.
اختلفوا في كيفية الكتمان، فالمروى عن ابن عباس: أنهم كانوا محرفين يحرفون التوراة والإنجيل، وعند المتكلمين هذا ممتنع، لأنهما كانا كتابين بلغا في الشهرة والتواتر إلى حيث يتعذر ذلك فيهما، بل كانوا يكتمون التأويل، لأنه قد كان فيهم من يعرف الآيات الدالة على نبوة محمد عليه السلام، وكانوا يذكرون لها تأويلات باطلة، ويصرفونها عن محاملها الصحيحة الدالة على نبوة محمد عليه السلام، فهذا هو المراد من الكتمان، فيصير المعنى: إن الذين يكتمون معاني ما أنزل الله من الكتاب. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال ابن كثير:

يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ} مما يشهد له بالرسالة {مَا أَنزلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ} يعني اليهود الذين كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم في كتبهم التي بأيديهم، مما تشهد له بالرسالة والنبوة، فكتموا ذلك لئلا تذهب رياستهم وما كانوا يأخذونه من العرب من الهدايا والتحف على تعظيمهم إياهم، فخشوا- لعنهم الله- إن أظهروا ذلك أن يَتَّبعه الناس ويتركوهم، فكتموا ذلك إبقاء على ما كان يحصل لهم من ذلك، وهو نزرٌ يسير، فباعوا أنفسهم بذلك، واعتاضوا عن الهدى واتباع الحق وتصديق الرسول والإيمان بما جاء عن الله بذلك النزر اليسير، فخابوا وخسروا في الدنيا والآخرة؛ أما في الدنيا فإن الله أظهر لعباده صِدْقَ رسوله، بما نصبه وجعله معه من الآيات الظاهرات والدلائل القاطعات، فصدقه الذين كانوا يخافون أن يتبعوه، وصاروا عونًا له على قتالهم، وباءوا بغضب على غضب، وذمهم الله في كتابه في غير موضع. من ذلك هذه الآية الكريمة: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا} وهو عرض الحياة الدنيا {أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلا النَّارَ} أي: إنما يأكلون ما يأكلونه في مقابلة كتمان الحق نارا تأجج في بطونهم يوم القيامة. كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10] وفي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الذي يأكل أو يشرب في آنية الذهب والفضة، إنما يُجَرْجرُ في بطنه نار جهنم». اهـ.

.قال الفخر:

قيل: إن أكلهم في الدنيا وإن كان طيبًا في الحال فعاقبته النار فوصف بذلك كقوله: {إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أموال اليتامى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نَارًا} [النساء: 10] عن الحسن والربيع وجماعة من أهل العلم، وذلك لأنه لما أكل ما يوجب النار فكأنه أكل النار، كما روي في حديث آخر «الشارب من آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم» وقوله: {إِنّى أَرَانِى أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36] أي عنبًا فسماه باسم ما يؤول إليه وقيل: إنهم في الآخرة يأكلون النار لأكلهم في الدنيا الحرام عن الأصم وثانيها: قوله تعالى: {وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ الله} فظاهره: أنه لا يكلمهم أصلا لكنه لما أورده مورد الوعيد فهم منه ما يجري مجرى العقوبة لهم، وذكروا فيه ثلاثة أوجه الأول: أنه قد دلت الدلائل على أنه سبحانه وتعالى يكلمهم، وذلك قوله: {فَوَرَبّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92 93] وقوله: {فَلَنَسْئَلَنَّ الذين أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ المرسلين} [الأعراف: 6] فعرفنا أنه يسأل كل واحد من المكلفين، والسؤال لا يكون إلا بكلام فقالوا: وجب أن يكون المراد من الآية أنه تعالى لا يكلمهم بتحية وسلام وإنما يكلمهم بما يعظم عنده من الغم والحسرة من المناقشة والمساءلة وبقوله: {اخسئوا فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ} [المؤمنون: 108] الثاني: أنه تعالى لا يكلمهم وأما قوله تعالى: {فَوَرَبّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: 92] فالسؤال إنما يكون من الملائكة بأمره تعالى وإنما كان عدم تكليمهم يوم القيامة مذكورًا في معرض التهديد لأن يوم القيامة هو اليوم الذي يكلم الله تعالى فيه كل الخلائق بلا واسطة فيظهر عند كلامه السرور في أوليائه، وضده في أعدائه، ويتميز أهل الجنة بذلك من أهل النار فلا جرم كان ذلك من أعظم الوعيد.
الثالث: أن قوله: {وَلاَ يُكَلّمُهُمُ} استعارة عن الغضب لأن عادة الملوك أنهم عند الغضب يعرضون عن المغضوب عليه ولا يكلمونه كما أنهم عند الرضا يقبلون عليه بالوجه والحديث وثالثها: قوله: {وَلاَ يُزَكّيهِمْ} وفيه وجوه الأول: لا ينسبهم إلى التزكية ولا يثني عليهم الثاني: لا يقبل أعمالهم كما يقبل أعمال الأزكياء الثالث: لا ينزلهم منازل الأزكياء ورابعها: قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} واعلم أن الفعيل قد يكون بمعنى الفاعل كالسميع بمعنى السامع والعليم بمعنى العالم، وقد يكون بمعنى المفعول كالجريح والقتيل بمعنى المجروح والمقتول، وقد يكون بمعنى المفعل كالبصير بمعنى المبصر والأليم بمعنى المؤلم. اهـ.

.قال ابن عاشور:

وفعل {يأكلون} مستعار لأخذ الرُّشَا المعبر عنها بالثمن والظاهر أنه مستعمل في زمان الحال، أي ما يأكلون وقت كتمانهم واشترائهم إلاّ النارَ لأنه الأصل في المضارع.
والأكل مستعار للانتفاع مع الإخفاء، لأن الأكل انتفاع بالطعام وتغييب له فهو خفي لا يَظهر كحال الرشوة، ولما لم يكن لآكل الرشوة على كتمان الأحكام أكْلُ نار تعين أن في الكلام مجازًا، فقيل هو مجاز عقلي في تعلق الأكل بالنار وليست هي له وإنما له سببها أعني الرشوة، قال التفتازاني: وهو الذي يوهمه ظاهر كلام الكشاف لكنه صرح أخيرًا بغيره، وقيل هو مجاز في الطَّرَف بأن أطلق لفظ النار على الرشوة إطْلاقًا للاسم على سببه قال التفتازاني: وهو الذي صرح به في الكشاف ونظَّره بقول الأعرابي يوبخ امرأته وكان يَقْلاَها:
أَكَلْتُ دَمًا إنْ لم أَرُعْككِ بِضَرَّةٍ ** بعيدةٍ مَهْوَى القُرْطِ طيبةِ النَّشْر

أراد الحلف بطريقة الدعاء على نفسه أن يأكل دمًا أي دية دَممٍ فقد تضمن الدعاءَ على نفسه بقتل أحد أقاربه وبذهاب مروءته، لأنهم كانوا يتعيرون بأخذ الديَة عن القتيل ولا يرضون إلاّ بالقَوَد.
واختار عبد الحكيم أنه استعارة تمثيلية شبهت الهيئة الحاصلة من أكلهم الرُّشا بالهيئة المنتزعة من أكلهم النار وأطلق المركب الدال على الهيئة المشبه بها على الهيئة المشبهة.
قلت: ولا يضر كون الهيئة المشبه بها غيرَ محسوسة لأنها هيئة متخيلة كقوله:
أعلامُ ياقوْت نشرن ** على رماحٍ من زبرجد

فالمركب الذي من شأنه أن يدل على الهيئة المشبهة أن يقال: أولئك ما يأخذون إلاّ أخذًا فظيعًا مُهلكًا فإن تناولها كتناول النار للأكل فإنه كلَّه هلاك من وقت تناولها باليد إلى حصولها في البطن، ووجه كون الرشوة مهلكة أن فيها اضمحلال أمر الأمة وذهاب حرمة العلماء والدين فتكون هذه الاستعارة بمنزلة قوله تعالى: {وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها} [آل عمران: 103] أي على وشك الهَلاك والاضمحلال.
والذي يدعو إلى المصير للتمثيلية هو قوله تعالى: {في بطونهم} فإن الرشوة لا تؤكل في البطن فيتعين أن يكون المركب كله استعارة، ولو جعلت الاستعارة في خصوص لفظ النار لكان قوله: {يأكلون في بطونهم} مستعملًا في المركب الحقيقي، وهو لا يصح، ولولا قوله: {في بطونهم} لأمكن أن يقال: إنَّ {يأكلون} هنا مستعمل حقيقة عرفية في غصب الحق ونحو ذلك.
وجوزوا أن يكون قوله: {يأكلون} مستقبلًا، أي ما سيأكلون إلاّ النار على أنه تهديد ووعيد بعذاب الآخرة، وهو وجيه، ونكتة استعارة الأكل هنا إلى اصطلائهم بنار جهنم هي مشاكلة تقديرية لقوله: {يشترون به ثمنًا قليلًا} فإن المراد بالثمن هنا الرشوة، وقد شاع تسمية أخذ الرشوة أكلًا.
وقوله: {ولا يكلمهم الله} نفي للكلام والمراد به لازم معناه وهو الكناية عن الغضب، فالمراد نفي كلام التكريم، فلا ينافي قوله تعالى: {فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون} [الحجر: 93].
وقوله: {ولا يزكيهم} أي لا يُثني عليهم في ذلك المجمع، وذلك إشعار لهم بأنهم صائرون إلى العذاب؛ لأنه إذا نفيت التزكية أعقبها الذم والتوبيخ، فهو كناية عن ذمهم في ذلك الجمع إذ ليس يومئذٍ سكوت. اهـ.